الطيور موسيقى الحياة
بقلم: خليفة الشرقي
الطيور… ما أحلاك!
وما أعذب أصواتك التي تملأ الأفق أناشيد،
سمفونيات خُلقت لتعطي الكون موسيقى،
ترنّ في القلوب كما يرنّ الأذان في الأرواح،
وتداعب الوجدان بنغمة تسكب السكينة في كل نفس…
إنها ليست مجرد أصوات متناثرة،
بل تسابيح حيّة تشهد بعظمة الخالق،
{وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَـٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ}.
تغاريدك، أيتها الطيور، تعكس دورة الحياة نفسها:
فمع الصباح، يتماهى صوتك مع صوت فيروز،
فتصبحين مرآة الفجر الحالم،
توقظين في النفوس أملاً جديدًا،
وتنشرين في الهواء نغمة خفيفة تشبه ندى الصباح…
وعند الغروب،
تصبحين عطراً مسائياً يودّع الشمس،
كأنك تعزفين مقطوعة الوداع للنهار،
وتلوّنين الأفق بأنينٍ حالم يهيئ الأرواح للسكون…
ثم يحلّ الليل…
فتغدو أنغامك كأنها تتآلف مع صوت أم كلثوم،
حين ينساب طربها في السهرات الطويلة،
فتصيرين مرآة الليل العاشق،
تسقين القلوب شجنًا ودفئًا،
وتحوّلين العتمة إلى سمفونية لا تنام…
أيتها الطيور، يا زينة الكون وبهجة الحياة،
أنتِ دورة كاملة من الفجر إلى الليل،
أنتِ مرآة الروح، ودواء القلوب،
تُذكّرين الإنسان دومًا أن للحياة وجهًا أجمل،
وأن الموسيقى الحقيقية هي التي خُلقت مع الخلق،
لتظلّ ترنيمة الوجود إلى الأبد…