الصقور والنسور في تحديات العيش والحياة
بقلم: خليفة الشرقي
في أعالي السماء، لا تتشابه الطيور، كما لا تتشابه النفوس.
فكما هناك من يختار العلاء بشرف، هناك من يتقبّل السقوط برضا…
حيث ان الصقور: رفعةٌ وذوقٌ في العيش…
وليست مجرد طيور جارحة، بل رموزٌ للشموخ، وعناوينُ للكبرياء.
تطير عاليًا، لا تهبط إلا على ما يليق بها، ولها عيونٌ خارقة النظر، لا تخطئ الفريسة، ولا تنزل إلى الدون.
كذلك تمتاز الصقور بالشرف والعلوّ، تتجنب الجيف وتأنف منها.
حيث أنها لا تأكل إلا الصيد الطازج الذي تصطاده بنفسها….
وتعيش بذوقٍ رفيع، وفطرةٍ سليمة، لا تأكل من بقايا غيرها، ولا تتسول موائد الموتى.
وهي رمزٌ للحرية، والإباء، و”العيش الكريم المتسامي”.
الصقر يشبه الإنسان الحرّ الذي لا يقبل الإهانة ولا يقتات من فتات المذلة…
وأما النسور: سطوة بلا شرف، وحجم بلا ذوق
بالرغم من أجنحتها العريضة، وحجمها الضخم، إلا أن طبيعتها مختلفة….
إنها لا تملك عنفوان العيش، بل تفضّل الجيف، منجذبةً إلى رائحتها الكريهة، كما لو كانت عطورًا فرنسية!
إنها تتغذّى غالبًا على الجثث، ولا تبالي إن كانت فاسدة أو منتنة.
بل إنها لا تبذل جهدًا في الصيد، بل تنتظر موت الفريسة أو تسرقها،وتعيش على الاعتماد والاتكالية…
النسر يشبه من يرضى بالذلّ، ويقبل حياةً بلا كرامة، فقط ليستمر في البقاء…
بين الشعوب… صقور ونسور:
وكما الطيور تختلف في طبائعها، كذلك الشعوب:
شعوبٌ مثل الصقور، تحب الحياة الكريمة، وتكره الخنوع، ترفض المذلة ولو على حساب الجوع والموت وكما يجري في غزة فلسطين من إبادة للشعب بالنار والمجاعة
والصمود مستمر حتى النصر…
وشعوبٌ أخرى، مثل النسور، ترغب في العيش تحت مطرقة الأعداء، وتقبل الهوان في مقابل فتات الطعام والسكوت على الظلم.
ومن المؤسف أن بعض الشعوب العربية، مع شديد الأسى، أصبحت تنتمي إلى سلوك النسور، فاستمرأت الجيفة السياسية والاقتصادية، ورضيت بالهوان بدلًا من المجد
فأيها الانسان الكريم
عش صقرا ولا تعش نسرا
فالذل بعيدا عن إنسانيتك
ويقهرها حتى النهاية…