المقالات

التربية بالقدوة زرع قيم الحسين (عليه السلام) في الأجيال

سامي الفارس :

 

 

 

في عالمٍ يعاني من إضطراب القيم، وإنحراف الأولويات، تبقى سيرة الإمام الحسين (عليه السلام) منارةً تربوية، ومصدراً متجدداً للإلهام الأخلاقي والروحي. فالحسين لم يكن فقط شهيد كربلاء، بل كان مربياً للأمة، ومُصلحاً هدفه أن “يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر” كما قال في وصيته المعروفة:

إنما خرجتُ لطلب الإصلاح في أمة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر…”

كان الإمام الحسين (عليه السلام) مثالاً في السلوك، والصدق، والشجاعة، والصبر. وقد قدّم في كربلاء درساً عملياً في التربية بالقيم:

  • علّم أبناءه وأصحابه معنى الوفاء، حين وقفوا معه حتى آخر رمق.
  • رسّخ فيهم الإيمان بالحق رغم قلة العدد وشدة الظرف.
  • جسّد الشجاعة في قول كلمة الحق، حتى أمام سلطانٍ جائر مثل يزيد.

هذه القيم، حين تُزرع في نفوس الأجيال، تبني إنساناً حراً، مسؤولاً، يرفض الذل ويطلب الكرامة.

كان الحسين يؤمن بأن الإنسان خُلق حراً، وأن الذل

لا يليق به.

من أعظم كلماته في هذا الشأن قوله:

ألا وإن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين: بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة.”

هذه العبارة يمكن أن تكون شعاراً تربوياً يغرس في الطفل منذ الصغر أن لا يقبل الظلم، وأن يعتز بكرامته، وأن يربط عزّته بطاعته لله لا لطغاة البشر.

المسؤولية الاجتماعية: أساس التربية الهادفة

في زمن اللامبالاة والأنانية، يُعلّمنا الحسين  (عليه السلام)

أن الإنسان مسؤول عن مجتمعه، لا يجوز له أن يسكت عن الباطل بل يقدم  روح التضحية في سبيل الحق ودفع الأذى  عن المجتمع

من رأى سلطاناً جائراً… فلم يغيّر عليه بفعلٍ ولا قول، كان حقاً على الله أن يدخله مدخله.”

هذا النداء يعلّم الأجيال أن الإصلاح يبدأ من الموقف، وأن السكوت عن الخطأ هو مشاركة فيه.

كيف نزرع هذه القيم عملياً؟

  1. من خلال المناهج التعليمية: تضمين قصص كربلاء وسيرة الحسين بأسلوب تربوي يناسب أعمار الطلاب.
  2. في الأسرة: تشجيع الحوار حول القيم، وبيان المواقف الشجاعة.
  3. في المساجد والمجالس: ربط المأساة بالعِبرة، وتحويل ذكرى عاشوراء إلى دروس عملية في الحياة.

إن التربية على نهج الحسين (عليه السلام) ليست ترفاً فكرياً، بل ضرورة حضارية، خاصة في زمن تتعرض فيه القيم الإنسانية لأخطار التفكك والانهيار. فكما أن الإمام الحسين (ع) أحيا الإسلام بدمه، فإننا نستطيع أن نُحيي أخلاق الأمة بتربية الجيل على مبادئه.

كونوا أحراراً في دنياكم…”

دعوة من الحسين لنا جميعاً، أن نربي أبناءنا على الحرية، والكرامة، والحق، لنصنع بهم مجتمعاً يليق بمدرسة كربلاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار