حمد وحمود
بقلم / فراس الحمداني
( حمد شابع فشك وحمود شابع صيت ) مثل شعبي معروف ومعناه ان هناك من يضع صدره امام الرصاص ليذود عن الوطن ويكون في خط النار الاول يواجه الموت بعين ثابتة ليحمي ارضه وشعبه بينما يأتي آخر من الخلف ليتصدر المشهد ويحصد الشكر والثناء والمديح دون ان يتذوق مرارة الخطر او يذرف قطرة عرق او دم.. حقيقة اعجبني احد الزملاء من مقدمي البرامج في تناوله لهذا المثل الشعبي العميق الذي لا يمثل مجرد حكاية من تراثنا بل هو صورة حية لما يجري اليوم في واقعنا حيث نجد رموزا” كبيرة من قادة الجيش العراقي وابطاله الذين كتبوا صفحات ناصعة في معارك الدفاع عن الوطن يتم استبعادهم بذريعة انهم مشمولين بقانون اجتثاث البعث .. !!
والعجيب ان هذا القانون لم يطبق عليهم يوم كانوا يواجهون الارهاب في اقسى المعارك ولم يطبق عليهم عندما تصدوا لتنظيم القاعدة وتنظيم داعش وكل التنظيمات الارهابية ولم يطبق عليهم عندما حملوا على عاتقهم حماية من يطبقون عليهم هذا القانون .
فالمستبعدين من السباق الانتخابي تولوا مناصب امنية حساسة في قيادة العمليات العسكرية وكانوا سدا منيعا يحمي العاصمة بغداد وباقي المحافظات .. هؤلاء القادة الابطال تدرجوا في مراتب الجيش من عقيد الى عميد الى لواء حتى بلغوا ارفع المناصب العسكرية وحملو اعلى رتبة في الجيش العراقي وتسنموا منصب معاونين لرئاسة اركان الجيش وكانوا وقتها عنوان شرف ونزاهة وعنوان ثقة ومجد ولم يتجرأ احد على القول انهم مشمولين بقانون الاجتثاث لان الوطن كان دائما” بحاجة الى سواعدهم ولا يزال .. وكان بحاجة الى بطولاتهم و تضحياتهم.
وما يثير الحيرة والاسى ان الاستبعاد جاء اليوم حين ارادوا ان يخوضوا معركة اخرى لا تقل شرفا” عن معارك السلاح وهي معركة محاربة الفساد و صيانة الكرامة من موقع المسؤولية تحت قبة البرلمان .
ولكن فجأة جائت الاستجابة لنداء المصالح الضيقة وتم تغليب الحسابات السياسية على حسابات الوطن وابطاله وجيء بذريعة الاجتثاث لتكون عقبة تقطع الطريق امامهم.
انها مفارقة عجيبة كيف يقبل الوطن تضحيات ابنائه الابرار حين تكون الحاجة اليهم في سوح القتال ثم يلفظهم بعذر واه حين يريدون ان يقاتلوا بمعركة نزيهة ضد الفساد .. معركة بناء الدولة وكيف يرفعونهم ابطالا في ساعة الخطر ثم يبعدونهم من ساحة القرار في ساعة البناء والاصلاح.
هكذا تبقى الحقيقة المرة كما قال المثل الشعبي (حمد شابع فشك وحمود شابع صيت) فيبقى من ضحى وصبر وقدم الغالي والنفيس في الظل وتبقى الاضواء على من لم يخض الميدان ولم يعرف معنى الشرف والبطولة .