الناقد / قاسم نجم عبد الله
شاعرة مُجيدة قبل أن تكون على موعد مع الحرف ، وتعرف كيف تطلعنا على كوامِن قلبها وخوالج حسِّها ..
تقول الشاعرة :يا حلمي المسجون في لُجج النوى
كن ها هنا كي تنتهي آهاتي
وانا أقرأ القصيدة الشاعرة ( العزاوي نضال ) بعيني قبل لساني فاحت في ثغري بالنغم وطربت لها روحي ، وحروفها فيها رنَّة موسيقية ترويني الصدى .. وفي كل بيت يستنفر إحساسي ويجعلني أتوق للبحث في مدلولات مفرداتها الرقراقة البراقة الباذخة بفيض الجمال .. فهي تستخدم التعابير التي ترسخ المعنى للوصول إلى ما تصبو إليه ، وفيها الأسلوب والإبداع واضح ..
هي تقول :
أدمنتُ جرحي في لظى أشجاني
ونقاط حيرى رافقت صيحاتِي
قصيدة الشاعرة فيها إيحاء وحريصة في إنتقالاتها من بيت إلى آخر لكي توصل لنا الفكرة وما يجول في نفسها بالتمام ..حيما تقول :فتّشتُ في يوم الحصاد وما أرى
غير التصحِّر باحثاً عن ذاتي
الشاعرة في قصيدتها هذه رأيتها تبتعد عن التعقيدات اللفظيّة لكل تصل إلى المعنى السلس .. فهي تقول :
حتى أرتجيك أن تكون بجانبي
درعاً لتُزهر في الربى واحاتي
ونبرتها فيها ملامح شوق ووجع وحزن وكأنها تقف على مرفأ الحلم وتحرص على أن لا تغتال تمتمات الأمل في قلبها ، مع انها أدمنَت جرحا في لظى أشجانِها ، وتريد تبوح بألَم جرحها وتحبس دمعتها الخرساء ..
ورايتها تحاول تحيي موات حلمها واملها وتروي ظمأَها بأسلوب شفاف ..
وتضيف في واحة شعرية أخرى
غدوتُ أحفر في السراب لكي أرى
بعضي يُلملِمُ خافتَ الضحكاتِ
وكأنها تريد تمزج معاني قصيدتها بروحها .. وحسبما يجيء حلُمها ينبض قلبها .. ولموهبتها الفذّة وفيض قريحتها فقد أسلَسَ لإحساسِها النظم ..
تذرف دمعتها بصمت مؤلم مُحاوٍلة إطفاء شعلة الأوار في روحها وما تكابد من الصبابة .. كما تقول هنا :
أحرقتُ في الصحراء لون قصيدتي
ودفنتُ في رمل الهجير رفاتي
ويخالُ لي أنّ حروف القصيدة تشرب من دموع الشاعرة كما يشربها منديل مرسومة فيه خارطة حزن ..
وتجهد نفسها على الصبر وكأنها تداعب الألم وتتمنى أن تطفيء عتمة روحها ببصيص ضوء .. وهنا تقول :
ودعوتُ بالفرقانِ أن لا ينطوي
ظهري وتطلقُ زلّتي أناتي
وفي الختام حرصتُ في دراستي النقدية هذه أن لا أفرض مفهوماً معيناً عليها نضال — والباقي لزملائي ورفاقي الشعراء والنقاد ولهم فيما عدا ما كتبته أن يعربوا عما يخطر لهم لِما يستجيب فعلاً .
