ولات ساعة مندم “
عبد الكريم الوزان
” فرق تسد والثور الأبيض”، عبارتان تترد على مسامعنا منذ نعومة أظفارنا، وأضف لهما حزمة العصي التي يتعذر كسرها، وجميعها تعبر عن الوحدة والقوة ومحاولات تفتيتها.
“فرق تسد” حال موجود منذ زمن السومريين، و أصل المصطلح لاتيني “divide et impera” وتأتي بعد “فرق تغزو”. ويُنسب هذا الشعار تقليديًا إلى فيليب الثاني المقدوني”، والمقصود: تفتيت المجاميع أو الأشخاص بقصد أضعافهم وجعلهم غير قادرين على تحقيق أهدافهم، وقد ينزلقون للقتال فيما بينهم، ومن ثم إنهاؤهم. وكل ذلك بطرق وأساليب مختلفة. وارتبطت سياسة “فرق تسد” ببريطانيا من خلال تأجيج الصراعات والانقسامات بين المجتمعات، خاصة في الهند، لتعزيز الحكم الإمبراطوري واستدامته”.
أما “الثور الأبيض” فيحكى أن هناك ثلاث ثيران ألوانها أسود وأحمر وأبيض تعرضت لهجوم من أسد، لكنها تصدت له بفضل تكاتفها، ما اضطر ملك الغابة لاستخدام المكر والحيلة فذهب الى الثورين الأحمر والأسود وادعى انه لاينوي الشر بهما لكنه يروم افتراس الثور الأبيض، وبسبب الخوف قررا ترك الثور الأبيض يلاقي مصيره وبالفعل تم افتراسه، بعدها ولشعوره بالجوع الشديد عاود الكرة فهاجم الثورين وأيضا تصديا له ، فاضطر لاستخدام نفس الحيلة قائلا للثور الاسود، ماكان ان تقف بطريقي لانني لم أكن أقصدك بل غايتي الثور الأحمر وستكون تحت حمايتي ، وهكذا انطلى الدهاء عليه مجددا فنأى بنفسه لينفرد الاسد بالأحمر وتم له ماأراد، وماهي الا بضعة أيام حتى اقترب من الثور الأسود لافتراسه فاستسلم نادما يائسا بالقول: لقد أكلت يوم أكل الثور الأبيض!!.
مربط الفرس أن البعض لا يتعظ من العبر والتجارب المريرة عبر حقب زمنية أهلكت وشتت شمل أقوام ومازالوا يجعجعون دون أن يظهروا طحينا.
والفرقة تبدأ من الأسرة الواحدة وصولا لدول ترتبط بمقومات مشتركة .
والدروس المستنبطة والحكمة تحتمان أن لا مناص من رفعتنا ومجدنا وعزنا بوحدة الاقتصاد والبحوث العلمية والتكنولوجيا والدبلوماسية والخطاب الاعلامي الرصين، والحصانة الفكرية، في ظل أمن مشترك مبني على استراتيجية طويلة الأمد، ومن هنا يتحقق السلام العادل، عندها لن نكون في غفلة عما يراد بنا، وبعدها لا ينفع يوم يعض المرء على يديه ويزم شفتيه من الندم .. ولات ساعة مندم.