لا تصير مثل خلالات العبد حكاية مثل… وإسقاط على واقعنا
بقلم: خليفة الشرقي
يطلق العراقيون على التمر غير الناضج اسم الخَلال…
ويُروى أن إقطاعيًا في جنوب العراق كان يُعرَف بالقسوة والأنانية، وكان يعمل لديه عبد يُدعى إسعيَد…
في أحد الأيام أكرمه سيّده بعرجون تمر، فيه من الرطب الناضج والخَلال اليابس…
فأكل إسعيَد التمر الناضج بشراهة، وترك الخَلال لمرارته. لكنه لم يرضَ أن يتركه لغيره من الجياع، فارتكب دناءة حين تبوّل على ما تبقّى من العرجون، حتى لا ينتفع به أحد…
وبعد يوم، عاد وقد أنهكه الجوع، فوجد العرجون كما هو. فأخذ يوهم نفسه أن بعض أطرافه ما زالت “طاهرة”، وأكلها شيئًا فشيئًا حتى التهم كل ما فيه، بما فيه ما لوّثه بيده…
وهنا تتجلّى آثار تربية العبد على يد سيّده الإقطاعي؛ فكلاهما كان مصابًا بالداء نفسه…
ومن هنا ضُرب المثل:
“لا تصير مثل خلالات العبد”
للدلالة على الشخص الأناني الدنيء، الذي لا ينتفع بشيء، ولا يتركه لغيره، بل يفسده ليحرمه على الآخرين، ثم يعود فيلتهمه بنفسه…
وهؤلاء البشر لديهم لطخة سوداء على مركز الكرم، جعلتهم عُميانًا تجاه روح الإنفاق الإنساني…
وليس ببعيد أن نرى اليوم مَن يسلك النهج ذاته:
شخصيات مهمّة يتّصفون بأنانية قاتلة، يشبعون أنفسهم أولًا، ثم يلقون بقايا خيرات الوطن في المزابل، غير آبهين بجوع الناس أو بكرامتهم…
وإن اضطرّوا، أحرقوا المزابل حتى لا يستفيد منها أحد…
ولعلّ في قول الله تعالى ما يذكّرهم جميعًا:
{ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين}