تفكك أسري يثير القلق في المجتمع العراقي رغم القيم الدينية الداعية للتراحم
رشا فوزي

في ظل التحديات الاجتماعية والاقتصادية التي يمر بها المجتمع العراقي، تتصاعد مؤخرًا ظاهرة التفكك الأسري وارتفاع نسب الطلاق، ما يثير القلق بين المختصين وأبناء المجتمع على حد سواء.
فالأسرة، التي تُعد الركيزة الأساسية لبناء المجتمع، تقوم على الشراكة بين الرجل والمرأة وتُبنى على أسس من المودة والرحمة، إلا أن الواقع اليوم يشير إلى تراجع في متانة هذه الروابط، وتزايد حالات الانفصال والخلافات الزوجية.
تقول السيدة أم أحمد (38 عامًا)، وهي أم لثلاثة أطفال:
أحاول منذ سنوات الحفاظ على بيتي من أجل أولادي، رغم الخلافات الكثيرة التي نمر بها. في النهاية، لا أريد أن يعيش أطفالي تجربة الطلاق، لأنهم المتضرر الأكبر.”
بينما يرى المواطن علي حسين (45 عامًا) أن الأسباب المادية تلعب دورًا أساسيًا في تفكك العلاقات الزوجية، موضحًا:
الوضع الاقتصادي الصعب يولّد توترًا مستمرًا بين الأزواج، خاصة مع ارتفاع الأسعار وقلة فرص العمل، فتتحول الخلافات الصغيرة إلى مشاكل كبيرة تنتهي بالانفصال.”
من جانبٍ آخر، أوضح باحث اجتماعي أن الظاهرة لم تعد محصورة في المدن الكبرى فحسب، بل امتدت إلى المحافظات الصغيرة، مشيرًا إلى أن
الضغوط النفسية والاجتماعية، وضعف الوعي الأسري، وعدم وجود مراكز إرشاد فعّالة في أغلب المناطق، كلها عوامل تفاقم الأزمة.”
وأكد أيضًا أن الحل يبدأ من تعزيز ثقافة الحوار داخل الأسرة، وتفعيل دور الإعلام والمؤسسات الدينية والتربوية في نشر قيم التسامح والتفاهم، لافتًا إلى أهمية إعادة الاعتبار لدور المرأة كشريك أساسي في بناء الأسرة، وليس كطرف ثانوي.
ويرى مختصون أن على الجهات المعنية تكثيف حملات التوعية والإرشاد الأسري، وإطلاق برامج دعم نفسي واجتماعي للأزواج، بهدف الحد من هذه الظاهرة التي باتت تهدد تماسك النسيج المجتمعي العراقي.
ختامًا، إن ما يعيشه المجتمع العراقي اليوم من تفكك أسري يستدعي وقفة جادة من جميع الأطراف — من الأسرة نفسها مرورًا بالمؤسسات الاجتماعية والإعلامية والدينية — لإعادة ترميم العلاقة الزوجية على أسس من الاحترام والحوار، واستعادة قيم المودة والرحمة التي أوصى بها الإسلام. فبقاء الأسرة قوية يعني بقاء المجتمع متماسكًا وآمنًا.
صحفية وباحثة في الشأن الاجتماعي