المقالات

حركة اليمين… لغة الكون الخفية والتوجّه عكس اتجاه عقرب الساعة

بقلم: خليفة الشرقي

 

 

 

 

 

اليدُ اليمنى ليست مجرد جارحة تعمل،
بل هي عنوان الفعل الإنساني:
بها يُبسط العطاء،
وبها تُصافَح الأيادي في ميثاق السلام،
وبها يُعانَق الآخر في لحظة دفء…

إنها اليد التي تحمل دلالة السيطرة والقدرة،
مرتبطة بالجانب الأيسر من الدماغ،
حيث يسكن التحليل والفهم واللغة،
فتغدو اليد اليمنى أداة العقل المهيمنة،
ورمز الفعل البشري الواعي…

والعجيب أن هذه الغلبة لليمنى في حياة الإنسان
تتناغم مع حركة الكون نفسه…

فالنباتات المتسلقة، كاللبلاب،
تصعد ملتفّة في حركات حلزونية،
يعرفها العلماء باسم circumnutation:
بعضها مع عقارب الساعة،
وبعضها ضدها،
كما لو أن كل نبتة تكتب توقيعها الخاص على صفحة الوجود…

الكائنات البحرية، والدوارات، وحتى بعض الحشرات،
ترقص أحيانًا بعكس المسار،
لتمنح الطبيعة لمسة من الغموض،
وجمالًا في التنوع..،

والكواكب في مداراتها حول الشمس،
تخضع لقوانين نيوتن وكبلر،
تدور بدقة، وتسبح بانسجام،
كما لو أن الزمن نفسه يصلي…

بل حتى طواف المؤمنين حول الكعبة المشرفة،
من اليمين إلى اليسار،
ليس حركةً عابرة،
بل مشاركة بشرية لإيقاع كوني أبدي،
انسجام بين جسد الطائفين
ودوران الأفلاك…

اليمين إذن ليست مجرد جهة،
بل لغة الكون الخفية:
رمز للسيطرة الواعية،
وللقدرة على الانسجام مع ناموس الله…

فحين تصافح اليدُ الأخرى، كأنك تصافح الكون…
وحين تعانق إنسانًا، كأنك تحتضن نظام الحياة ذاته…

اليدُ… والشجرُ… والكواكب…
كلها تنشد نغمة واحدة،
مع بعض الحركات العكسية التي تهمس:
“انسجم لتفهم… تواضع لتبصر… واحترم التنوّع…
فأنت جزء من فلكٍ أوسع.”

{وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [يس:40]…

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار