الحب… محراب الإنسانية
بقلم خليفة الشرقي

الحبُّ ليس عاطفةً فحسب،
إنّه صلاةٌ خفيّة،
ومحرابٌ إلهيٌّ تُضاءُ فيه شموعُ الوجود…
فكما أمرنا الله أن نطوفَ حول بيته المكرَّم،
علّمنا أيضًا أن نطوفَ حول الحب،
لأنّه بيته الآخر في قلوبنا…
الحبُّ مقياسُ الإنسانية،
به تُعرف نقاءُ الأرواح،
وبه يُختبر ميزانُ الرحمة في قلب الإنسان…
ومن لا يعرف الحب،
لا يعرف الله،
فاللهُ هو المحبّةُ المطلقة،
ومن أحبَّ الناس فقد عبد الله بصدقٍ دون أن يشعر…
الحبُّ هو جوهرُ الوجود،
السرُّ الذي به خُلِقَ الكونُ وبه يستمرُّ.
فحين نحبّ،
نصبح أقربَ إلى صفاء الملائكة،
وأبعدَ عن غبار الأنانية التي تعمي البصيرة…
في كلِّ حبٍّ صادقٍ ظلٌّ من نورٍ إلهي،
وفي كلِّ قلبٍ يعشقُ بصدقٍ نافذةٌ تطلُّ على السّماء.
فالحبُّ طهارةٌ لا تُشترى،
وسجدةٌ لا تُفرض،
وطوافٌ لا ينتهي،
لأنّه سرُّ الله في خلقه…
وحين نحبّ،
نطوفُ حولَ معاني الله في الإنسان،
نلمسُ الرحمة،
ونرى في العيونِ وجهاً من وجوه الخالق…
فالحبُّ لا يُقاس بالهوى،
بل بالسموّ،
ولا يُعرَف باللذّة،
بل بالتضحية،
ولا يُوزَن بالكلمات،
بل بالفعل،
وبالسكينة التي يزرعها في القلب حين يتجلّى كالنور…
الحبُّ إذن عبادة،
ولكنها لا تحتاج إلى معبدٍ من حجر،
بل إلى قلبٍ طاهرٍ يتوضّأ بالعطاء،
ويصلّي بالرحمة،
ويصوم عن الأذى…