ملابسات جريمة قتل صادمة داخل عائلة ..
أب يُنهي حياة ابنه برصاصات الغضب ومركز شرطة سومر يكشف خيوط الجريمة خلال ساعات
بغداد – ستار الساعدي

في صباح رمادي من صباحات العاصمة، كانت الأزقة الضيقة في منطقة الشعب تئنّ على وقع فاجعةٍ غير مألوفة. جريمة قتل صادمة داخل منزل عائلةٍ بغدادّية، بدت للوهلة الأولى لغزًا غامضًا، قبل أن تتحول إلى مأساة عائلية تكشف وجوهًا متعددة من الألم والضياع.
فور ورود الإشعار إلى مركز شرطة سومر بوقوع حادث إطلاق نار في المنطقة المذكورة ، تحركت القوة الأمنية بقيادة المقدم سلام جاسم محمد المحمداوي، وبإشراف مباشر من قائد شرطة بغداد الرصافة اللواء شعلان علي صالح، وسط متابعة ميدانية من السيد وزير الداخلية الذي لم يغِب عن تفاصيل العمل الأمني.
المشهد الأول: جثة في الزقاق وعيون تتهرب عند وصول الفريق إلى الموقع، كانت جثة شابٍ مضرّجة بالدماء ملقاة أمام باب منزلٍ بسيط، والناس متجمهرون حوله بوجوهٍ متوترة وصمتٍ ثقيل. الغرابة لم تكن في موقع الجثة فحسب، بل في برود أقاربه الذين مرّوا بجانبه دون حزن أو دمعة، وكأنهم وجدوا راحة بعد عذابٍ طويل.
منذ تلك اللحظة، أدرك ضباط التحقيق أن وراء الجريمة خيطاً عائلياً معقّداً لا بدّ من تتبّعه بدقّة.
الاعتراف المدوّي: الأب القاتل
بعد سلسلة من الاستجوابات والمواجهات، انهار والد المجني عليه واعترف بارتكاب الجريمة مستخدمًا مسدساً نوع (ميكاروف). قال الأب بصوتٍ مبحوح:
“ما عدت أحتمل تصرفاته… لم يترك لنا راحة ولا كرامة.”
تبيّن أن الابن كان مدمن مخدرات واعتاد الاعتداء على والدته وزوجته ووالده، حتى صار مصدر تهديد دائم للعائلة والجيران.
المفاجأة أن والدة المجني عليه وزوجته وشقيقته وأشقاؤه رفضوا تقديم شكوى ضد القاتل، وعلّلوا موقفهم بسنواتٍ من المعاناة والخوف.
التحقيقات القضائية صدّقت الاعتراف، وصودِر السلاح المستخدم، وصدر الحكم بسجن الأب خمس سنوات عن جريمةٍ وُلدت من رحم الألم واليأس.
خلف الجريمة: خلل اجتماعي وضمير أمني يقظ
قضية الشعب لم تكن مجرّد رقم في سجل الجرائم؛ بل مرآة لخللٍ اجتماعي تتقاطع فيه المخدرات، والعنف الأسري، وضعف الروابط العائلية.
لكنّها أيضًا شهادة على يقظة رجال الشرطة الذين استطاعوا، خلال ساعات، تفكيك اللغز وإعادة فرض القانون في مشهدٍ كان يمكن أن يتحول إلى فوضى دامية.
ففي عام 2025 وحده، سجّل مركز شرطة سومر أكثر من (3033) دعوى تحقيقية، أُنجز منها أكثر من ثلثيها بفضل العمل الميداني والمهنية العالية التي أرساها اللواء شعلان منذ تسنمه قيادة شرطة الرصافة، حيث يتابع شخصيًا كلّ تفصيل، صوتًا وصورةً، عبر اللاسلكي وعلى الأرض.
كما أن إشراف معالي وزير الداخلية السيد عبد الأمير الشمري المستمر، وحرصه على تطوير الأداء وفتح قنوات التواصل مع المواطنين، أسهما في رفع كفاءة العمل الشرطي وبناء الثقة بين المواطن ورجل الأمن.
المقدم سلام المحمداوي: “الشرطة والمواطن شريكان في الأمن” يؤكد المقدم سلام أن الشرطة المحلية ليست جهة ضبط فقط، بل حلقة تواصل حيّة مع المجتمع، قائلاً:“مهمتنا ليست القبض على الجناة فحسب، بل منع الجريمة قبل وقوعها، وبثّ الطمأنينة في النفوس.”
وأضاف أن مركز سومر، رغم اتساع قاطعه الجغرافي وكثافة سكانه، يمسك بزمام الأمن بفضل التعاون الوثيق مع المواطنين ومتابعة التوجيهات العليا التي تؤكد على التدريب المستمر ورفع الكفاءة الميدانية.
رصاصات أب أوجعت مدينة
لم تكن جريمة الشعب مجرّد حادثة قتل، بل صرخة اجتماعية تعيد إلى الأذهان خطورة تفكك الأسر وتنامي ظواهر الإدمان والعنف.
وفي المقابل، أثبتت قيادة شرطة الرصافة أن العين الساهرة قادرة على كشف الحقيقة مهما كانت الخيوط متشابكة، وأن العدالة في بغداد ما زالت تقف شامخة، لا تنام ولا تتعب… لأن خلف كل جريمة هناك ضابط يحمل ضميره قبل سلاحه.